تعديل المادة (122) وضمانات جديدة لتحقيق العدالة وحماية حقوق المتهمين
تعاني منظومة العدالة الجنائية من ثغرات إجرائية تسهم في إطالة أمد التحقيقات وحبس المتهمين/ات احتياطيًا لفترات طويلة دون سقف زمني واضح، مما يُعرّض حقوق الإنسان لانتهاكات جسيمة. يمتد أثر الحبس الاحتياطي المطول إلى أسر المتهمين/ات التي تتحمل غياب المعيل وما يترتب عليه من أعباء اقتصادية ونفسية، إضافة إلى الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاحتجاز. هذه الممارسات تُناقض المبادئ الأساسية للعدالة، كما أنها تتعارض بشكل واضح مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تُلزم الدول بضمان محاكمة عادلة وسريعة لجميع المتهمين والمتهمات.
في هذا الإطار، جاء التعديل المقترح للمادة (122) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ضمن حملة "معًا نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية"، ليضع حدًا لهذه الانتهاكات من خلال تحديد سقف زمني لإنهاء التحقيقات الابتدائية. هذا التعديل يهدف إلى حماية حقوق المتهمين/ات، وضمان العدالة الناجزة، مع الحفاظ على استقرار حياة الأفراد وأسرهم.
النص المقترح من مجلس النواب للمادة (122) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية:
إذا ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻪ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ ورأى ﻋﻀﻮ اﻟﻨّﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻣﺪ ﻣﺪّة اﻟﺤﺒﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲّ أو اﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ ﻟﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺮر ﻓﻲ اﻟﻤﺎدّﺗﻴﻦ 120، 121 ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﻓﻲ اﻷﺣﻮال اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮة اﻟﺜّﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺎدّة 116 ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﺪّة اﻟﺤﺒﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲّ أو اﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ ﻋﺮض اﻷوراق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺢ اﻟﻤﺴﺘﺄﻧﻔﺔ ﻣﻨﻌﻘﺪة ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻤﺸﻮرة ﻟﺘﺼﺪر أﻣﺮاً ﻣﺴﺒّﺒﺎً ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎع أﻗﻮال اﻟﻨّﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ واﻟﻤﺘّﻬﻢ ﺑﻤﺪ ﻣﺪّة اﻟﺤﺒﺲ أو اﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ ﻟﻤﺪد ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ وأرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً إذا اﻗﺘﻀﺖ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ أو ﺑﺎﻹﻓﺮاج ﻋﻦ اﻟﻤﺘّﻬﻢ أو ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ ﺑﺤﺴﺐ اﻷﺣﻮال.
وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﺮض اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨّﺎﺋﺐ اﻟﻌﺎم إذا اﻧﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺲ اﻟﻤﺘّﻬﻢ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴّﺎً ﺗﺴﻌﻮن ﻳﻮﻣﺎً وذﻟﻚ ﻻﺗﺨﺎذ اﻹﺟﺮاءات اﻟّﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﻟﻼﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ.
مقترح الحملة للمادة (122) في مشروع قانون الإجراءات الجنائية:
إذا ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻪ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ ورأى ﻋﻀﻮ اﻟﻨّﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻣﺪ ﻣﺪّة اﻟﺘّﺪاﺑﻴﺮ اﻻﺣﺘﺮازﻳّﺔ أو اﻟﺤﺒﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲّ ﻟﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺮر ﻓﻲ اﻟﻤﺎدّﺗﻴﻦ 120، 121 ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﺪّة اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ أو اﻟﺤﺒﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲّ ﻋﺮض اﻷوراق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺢ اﻟﻤﺴﺘﺄﻧﻔﺔ ﻣﻨﻌﻘﺪة ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻤﺸﻮرة ﻟﺘﺼﺪر أﻣﺮاً ﻣﺴﺒّﺒﺎً ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎع أﻗﻮال اﻟﻨّﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ واﻟﻤﺘّﻬﻢ ﺑﻤﺪ ﻣﺪّة اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ أو اﻟﺤﺒﺲ ﻟﻤﺪد ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ وأرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً إذا اﻗﺘﻀﺖ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ أو ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ أو ﺑﺎﻹﻓﺮاج ﻋﻦ اﻟﻤﺘّﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ اﻷﺣﻮال. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﺮض اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨّﺎﺋﺐ اﻟﻌﺎم إذا اﻧﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺲ اﻟﻤﺘّﻬﻢ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴّﺎً ﺗﺴﻌﻮن ﻳﻮﻣﺎً وذﻟﻚ ﻻﺗﺨﺎذ اﻹﺟﺮاءات اﻟّﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﻟﻼﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ.
وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﺣﻮال ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻲ اﻟﻨّﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ أن ﺗﺼﺪر ﻗﺮاراً ﺑﺎﻟﺘّﺼﺮف ﻓﻲ اﻟﺘّﺤﻘﻴﻖ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲّ إﻣّﺎ ﺑﺤﻔﻆ اﻟﻘﻀﻴّﺔ أو إﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺤﺪّ أﻗﺼﻰ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻣﻮاد اﻟﺠﻨﺢ، وﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻣﻮاد اﻟﺠﻨﺎﻳﺎت.
التحليل القانوني: ماذا يعالج التعديل؟
- التعديل المقترح يُلزم النيابة العامة بإنهاء التحقيقات خلال مدة لا تتجاوز 3 سنوات في الجنح و5 سنوات في الجنايات. هذا الإجراء يُسهم في حماية حقوق المتهمين من التعسف الذي قد ينشأ عن تعليق مصيرهم لفترات طويلة دون مبرر واضح.
- التعديل يراعي حاجة النيابة العامة إلى وقت كافٍ لإجراء تحقيقاتها بدقة، مع ضمان حق المتهم في محاكمة عادلة تُجرى ضمن إطار زمني معقول. هذا التوازن يقلل من احتمالية استغلال الحبس الاحتياطي كوسيلة ضغط أو عقوبة غير معلنة، مما يعزز العدالة الإجرائية.
- غالبًا ما يُستخدم الحبس الاحتياطي المطول كعقوبة غير مباشرة دون صدور حكم قضائي. التعديل يضع حدودًا زمنية واضحة تُلزم الجهات القضائية بالتصرف في القضايا بسرعة، بما يقلل من هذا النوع من الانتهاكات.
- التعديل ينسجم مع التزامات الدولة تجاه المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مثل تلك المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تُلزم الدول بضمان المحاكمة العادلة خلال مدة زمنية معقولة.
مثال عملي:
في قضية اتهام شخص بالتظاهر السلمي دون ترخيص أو نشر أخبار تعتبرها السلطات "كاذبة"، يتم حبس المتهم احتياطيًا لفترات طويلة دون وضوح زمني أو قرار نهائي بشأن مصيره.
- قبل التعديل:
يظل المتهم محتجزًا لفترات طويلة دون وضوح زمني أو قرار نهائي، مما يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية كبيرة له ولأسرته، مع استمرار الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاحتجاز.
- بعد التعديل:
تُصبح النيابة العامة مُلزمة بالتصرف في القضية خلال سقف زمني لا يتجاوز 3 سنوات (في قضايا الجنح)، مما يمنع تعليق مصير المتهم لفترات طويلة، ويُسهم في حماية حقوقه، ويضمن العدالة الناجزة.