المركز العربي لدراسات القانون والمجتمع ينضم لحملة "معًا من أجل قانون عادل للإجراءات الجنائية"
في ظل النقاشات المستمرة في مجلس النواب المصري حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية، يعلن المركز العربي لدراسات القانون والمجتمع انضمامه إلى حملة "معًا من أجل قانون عادل للإجراءات الجنائية". تضم الحملة منظمات حقوقية، نقابات مهنية، وخبراء قانونيين، وتسعى لإعداد قانون يعبر عن احتياجات الشعب المصري، ويحقق مبادئ العدالة الجنائية التي ترتكز على احترام حقوق الإنسان.
قانون الإجراءات الجنائية يعد العمود الأساسي لنظام العدالة الجنائية. يتمثل دوره الأساسي في حماية حقوق الأفراد، وضمان النزاهة في سير المحاكمات، ومنع الانتهاكات القانونية التي تؤثر سلبًا على حقوق المتهمين. وعلى العكس من ذلك، يثير مشروع القانون المطروح حاليًا جدلًا واسعًا بسبب افتقاره إلى الضمانات الأساسية لحماية حقوق المواطنين ويحتوي على نصوص مقترحة تقوض العدالة.

الإشكاليات الأساسية في مشروع القانون:
- لا يوفر المشروع المقترح نصوصًا صريحة تحمي حق المتهمين في الدفاع، ويفتأت على دور المحامين خلال مراحل التحقيق والمحاكمة. ما يؤثر بشكل مباشر على حق المواطنين في محاكمة عادلة، ويزيد من احتمالية وقوع أخطاء قانونية قد تؤدي إلى إدانة الأبرياء.
- يمنح المشروع سلطات واسعة لأفراد غير مؤهلين، مما يهدد حرية الأفراد ويفتح المجال أمام انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. هذا التوسع يُناقض المعايير الدولية التي تؤكد ضرورة التقييد الصارم لصلاحيات أجهزة إنفاذ القانون.
- ينص مشروع القانون على إمكانية التصالح في قضايا تتعلق بالمال العام. هذا النهج يُعد تراجعًا خطيرًا في مكافحة الفساد، ويقوض سيادة القانون والمساءلة.
- لم يشهد إعداد مشروع القانون مشاركة حقيقية من الأطراف المعنية، بما في ذلك المنظمات الحقوقية والخبراء القانونيون. هذا الغياب يعكس نهجًا غير شفاف في صياغة القوانين التي تمس حقوق وحريات المواطنين.
- يتعارض المشروع مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تكفل الحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة. يُظهر هذا التناقض عدم التزام مصر بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما أن القوانين التي تمس الحريات الشخصية وحقوق الأفراد لها تأثير مباشر على حياة المواطن العادي. على سبيل المثال، يمكن أن يحتجز شخص بريء لفترات طويلة بسبب غياب الضمانات القانونية، مما يؤدي إلى إحداث ضرر لا يمكن إصلاحه.
توصياتنا:
- ضرورة النص على حقوق واضحة للمتهمين، بما يشمل حق الدفاع، وضمان الحضور القانوني لمحاميهم خلال جميع مراحل الإجراءات.
- يجب أن يتضمن القانون نصوصًا تحد من الحبس الاحتياطي المطول، وتضمن فحص قضايا المحتجزين بصفة دورية.
- النص على آليات واضحة لمساءلة الأجهزة التنفيذية في حالة وقوع انتهاكات، لضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين.
- ضرورة منع التصالح في القضايا المتعلقة بالمال العام، للحفاظ على هيبة القانون وردع الفساد.
- إشراك منظمات المجتمع المدني والخبراء في مناقشة وصياغة مشروع القانون لضمان توافقه مع الدستور والمعايير الدولية.
ندعو مجلس النواب والسلطات المعنية إلى إعادة النظر في مشروع القانون. بما يحقق عدالة جنائية تحترم حقوق الإنسان، وتعيد الثقة في نظام العدالة. إن حماية الحريات الفردية وسيادة القانون لا تتحقق إلا من خلال إصدار تشريعات تلتزم بالدستور والمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر.