القانون والشيزوفرينيا | قريبًا
يمثل كتاب "القانون وشيزوفرينيا الحكم في مصر: حول التكامل والتمايز بين دولة القانون والدولة البوليسية" إضافة فريدة إلى الدراسات السياسية والاجتماعية التي تتناول العلاقة المعقدة بين القانون والدولة في السياق المصري. عبر صفحاته، يقدم الكاتب علي الرجال قراءة نقدية عميقة لاستمرارية الدولة البوليسية وتناقضاتها مع خطاب سيادة القانون، مستعرضًا تاريخًا طويلًا من التفاعلات المؤسسية والتحديات السياسية والاجتماعية التي شكلت وجه الحكم في مصر الحديثة.
يأخذ الكتاب القارئ في رحلة عبر أكثر من قرن من التحولات التاريخية والمؤسساتية، ويطرح أسئلة حيوية حول طبيعة العلاقة بين السلطة والقانون والعنف، وكيف أن سيادة القانون التي كانت مطلبًا دائمًا للثورات والانتفاضات المصرية، تقترن غالبًا بالعنف بدلاً من تحقيق العدالة الاجتماعية.

يستعين المؤلف بمزيج من المناهج التحليلية، بما في ذلك علم الاجتماع التاريخي والنظريات المؤسسية، ليوضح كيف تطورت الدولة البوليسية المصرية جنبًا إلى جنب مع محاولات تأسيس دولة القانون. كما يعيد النظر في أحداث مفصلية مثل ثورة 1919 والإصلاحات القانونية في القرن التاسع عشر، ليبرز كيفية تأثير القوى الاستعمارية والنخب المحلية في تشكيل هذا الواقع.
بأسلوب رصين ومادة بحثية غنية، يتناول الكتاب مواضيع مثل قضايا الملكية، سياسات الاستثناء، دور المحاكم العرفية، ومفهوم العنف المؤسسي. ويتطرق إلى التغيرات البطيئة والمؤثرة التي شكلت الممارسات الحالية، مع تسليط الضوء على نماذج التغيير المؤسسي، مثل الإزاحة، والانجراف، وإعادة التفسير، لاستيعاب التحولات في نظام الحكم.
يقدم هذا العمل قراءة متبصرة وملهمة لكل باحث أو قارئ مهتم بفهم جذور وتبعات هذا التعقيد الذي يميز بنية السلطة والقانون في مصر. من خلال تحليل عميق وموثق، يعكس الكتاب تحديات تحقيق العدالة وسيادة القانون في ظل تناقضات دولة مركزية بوليسية تُصرح بسيادة القانون لكنها تمارس عكسه في العديد من مساحات الحكم.
"القانون وشيزوفرينيا الحكم في مصر" ليس مجرد دراسة أكاديمية؛ إنه شهادة حية على مفارقات الحكم في دولة ذات تاريخ استبدادي طويل، وسؤال مفتوح عن إمكانية تحقيق التكامل بين دولة القانون والدولة البوليسية في مصر.